تشهد الساحة السياسية في ليبيا في الوقت الحالي حرب جديدة ولكنها حنى هذه اللحظة مُحتفظة بطابع التصريحات دون إستخدام قوة السلاح، فإلى متى ستدوم هذه الحرب دون سلاح؟
الوكالة العربية للأنباء
شهر مارس/ آذار في ليبيا هو شهر ميلاد الحكومات المؤقتة في البلاد، ففي مثل هذه الأيام منذ عام منح مجلس النواب الليبي برئاسة المستشار، عقيلة صالح، لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ورئيس وزراءها عبد الحميد الدبيبة، الذي رشحه ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، متفوقاً على وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا.
وفي مارس/ آذار من هذا العام، عاد مجلس النواب من جديد وأسقط الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية، وكلف حكومة جديدة يرأسها فتحي باشاغا لقيادة البلاد وتحقيق ما فشلت فيه حكومة الدبيبة من توحيد مؤسسات الدولة وإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة.
لكن الصراع بدأ عندما أعرب عبد الحميد الدبيبة عن رفضه لتسليم مهامه لباشاغا، وأكد أن تسليم الحكومة سيكون فقط لحكومة يختارها البرلمان في ليبيا الجديد بعد إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية وفق خارطة الحل السياسي السلمي في البلاد.
واستمر الدبيبة في ممارسة مهامه وإصدار القرارات التي كان من بينها صرف مبالغ مالية لصالح طبقة معينة من أبناء الشعب، وخصص مبالغ ضخمة لصالح الجماعات المسلحة التابعة له. وتخصيص هذه المبالغ جاء من أجل كسب فئة واسعة من الشعب إلى صالح بالإضافة إلى ضمان دعم الجماعات المسلحة لحكومته.
الجدير بالذكر أن كل من عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا من مدينة مصراتة، وكلاهما يعتمد على الدعم المالي والقوات المسلحة المتواجدة في المدينة، لكن وبالنظر إلى ما قدمه الدبيبة من أموال لهذه القوات دفع بعضهم للإنقلاب على باشاغا وتأييدهم لبقاء حكومة الدبيبة إلى حين إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية في ليبيا .
أما البعض الآخر فأعرب عن دعمه لباشاغا، مما منحه أملاً في دخول طرابلس بدعمهم. وكانت الأمور قد وصلت بالفعل إلى نقطة التحشيد، لكن بعد ذلك تدخلت أطراف أجنبية مؤثرة، بدا لها أن مجزرة طرابلس كانت ثمناً باهظًا لدفع ثمن البحث عن تسوية سياسية، وبالفعل تراجع باشاغا لكنه أعاد تأكيد عزمه على تشكيل حكومته وممارسة مهامه من طرابلس قريباً.
هذا العزم، وبحسب المحللين، سببه تعويل باشاغا على تحالفه الحديث مع قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة، خليفة حفتر، المُسيطر على حقول النفط في شرق ليبيا وبمقدوره أن يقطع إمدادت النفط عن الدبيبة، وهو ما لن تتحمله دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية المُعتمدة على النفط الليبي.
لكن في حقيقة الأمر فقد فقد حفتر قوته التي إشتهر بها في السابق بعدما إنسحبت العديد الدول الداعمة له وتوقفت عن تقديم الدعم المالي والعسكري، وبالتالي يرى العديد من المحللين والمراقبين للأوضاع في ليبيا أن باشاغا فشل في إختيار حليفه المستقبلي.
الجدير بالذكر أن المُسيطر الحقيقي على النفط الليبي اليوم وبعد ضُعف قوات حفتر، هو المؤسسة الوطنية للنفط التي يرأسها مصطفى صنع الله، وبالتالي في الوقت الحالي فإن الموظفين العاملين في حقول النفط وإضرابهم وإغلاقهم لخطوط النفط يُمثل أزمة أكبر بكثير من من طموحات باشاغا وحفتر، الذين لا يملكون القوة التي يملكها الموظفين في المؤسسة. ونسبةً لما عليه الحال اليوم فالدبيبة يمكنه الإطمئنان وعدم التفكير كثيراً فيما يمكن لتحالف باشاغا وحفتر الخاسر أن يقوم به.