تشهد ليبيا حالة من التخبط السياسي بعد فشل إجراء الإنتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر الماضي والتي كان من المقرر لها أن تنعقد وتأتي برئيس يحكم البلاد ويُنهي حالة الإنقسام المستمرة منذ سقوط حكم القذافي في عام 2011.
الوكالة العربية للأنباء
ففي العام الماضي تم تعيين حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة وإختيار عبد الحميد الدبيبة رئيساً لها وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وقد كان من ضمن المترشحين لرئاسة الحكومة المؤقتة وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، والذي لم يُحالفه الحظ في تولي المنصب.
وبعد مرور عام عاد فتحي باشاغا وكون تحالف قوي مع كل من رئيس مجلس النواب الليبي المستشار، عقيلة صالح، وقائد الجيش الوطني الليبي في شرق ليبيا خليفة حفتر. ونتج عن هذا التحالف سحب الثقة من عبد الحميد الدبيبة وحكومته وإختيار حكومة جديدة يرأسها فتحي باشاغا.
هذه العودة خلقت حالة جديدة من الإنقسام في البلاد وأصبح في ليبيا حكومتين تتقاتلان من أجل السلطة وتأدية مهامها من العاصمة الليبية طرابلس، ولكن حتى هذه اللحظة فإن القتال مُنحصر ضمن التصريحات دون إستعمال القوى على أرض الواقع. وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه، من الطرف الرابح في هذا الصراع في حال تم إستخدام قوى السلاح؟
معظم الأراء تُرجح أن الدبيبة سيفوز بكل تأكيد في حال وصل الأمر إلى إستخدام السلاح، والسبب في ذلك هو الأموال الضخمة التي خصصها الدبيبة لصالح القوات المسلحة الموالية له داخل العاصمة وفي مسقط رأسه مصراتة، ناهيك عن الدعم والإعتراف الدولي بحكومته، وبالتالي فإن أي محاولة هجوم على العاصمة لإبعاد عبد الحميد الدبيبة من منصبه، هي إنقلاب على خارطة الحل السياسي السلمي في ليبيا .
بالإضافة إلى ذلك فإن باشاغا لا يتمتع بالقوى الكافية لمجابهة القوات المسلحة التابعة للدبيبة، فعلى الرغم من أنه تحالف مع خليفة حفتر، إلا أنه لم يكن يعلم حقيقة ضُعف قوات الجيش الوطني الليبي وفقدان خليفة حفتر للدعم المادي والعسكري الذي كان يتلقاه من بعض الدول الداعمة له.
هذا بالإضافة إلى أن حفتر أوهم باشاغا بسيطرته على حقول النفط في ليبيا وهو ما يتناقض تماماً مع حقيقة أن حقول النفط في شرق ليبيا أصبحت واقعة بالكامل تخت سيطرت المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة مصطفى صنع الله، وبالتالي خطة أن يقوم باشاغا بالضغط على دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية المُعتمدة على النفط الليبي أصبح أمراً مُستحيل، بسبب فقدان حفتر لقدرته على إغلاق خطوط النفظ الليبي.
وبالنظر إلى كل هذه الحقائق يرى المراقبين والمحللين السايسيين أن فتحي باشاغا لن يتمكن من دخول طرابلس لممارسة مهامه وأن عبد الحميد الدبيبة سيستمر في منصبه من العاصمة طرابلس إلى حين إجراء إنتخابات برلمانية ورئالسية حرة ونزيهة، حتى وإن شرع باشاغا إلى إستخدام قوى السلاح التي لا تُقارن بقوى غرب ليبيا .