نجحت روسيا بتوجيه ضربة قاضية للاتحاد الأوروبي، بعد قرار الرئيس فلاديمير بوتين، عدم قبول موسكو التعامل في مدفوعات الغاز المورد إلى أوروبا إلا بالروبل الروسي، ووصف بوتين دول الاتحاد الأوروبي بغير الصديقة، خصوصا بعد العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها بالاشتراك مع الولايات المتحدة على الجانب الروسي مؤخرا بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
الوكالة العربية للأنباء
يقول المحلل السياسي الروسي، ألكسندر نازاروف، إن الجميع كانوا ينتظرون قدوم ذلك اليوم الذي ستنتهي فيه حقبة الدولار الأميركي المهيمن، ويبدو أن ذلك اليوم قد وصل بالفعل بقرار الرئيس الروسي.
يضيف نازاروف: “أعتقد أن تلك ليست سوى بداية لنقل الصادرات الروسية إلى الروبل الروسي. وكخطوة تالية، فسيتم على الأرجح تحويل تصدير جميع السلع الروسية، التي لا غنى عنها في السوق العالمية، مثل القمح والنيكل واليورانيوم والأسمدة، إلى التسوية بالروبل”.
تلك ستكون أقوى ضربة يتلقاه الدولار في تاريخه، وفق المحلل الروسي، لافتا أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سيوجه ضربة قوية مماثلة، في حال قررت السعودية التخلي عن الدولار والتوجه للتعامل باليوان الصيني بالفعل كما تقول تقارير إخبارية مؤخراً.
تلك الفرضية تعني أن السعودية ستكرر تجربة روسيا ورئيسها بوتين، وتبدأ بيع النفط بالريال السعودي، وهي بتلك الخطوة ستحقق مكاسب كبيرة وتحول عملتها إلى عملة إقليمية.
وتوقع نازاروف، أن الحكومات العربية وبعد خطوة روسيا على الأرجح لن تستطيع مقاومة الولايات المتحدة وضغوطها وعلى الأرجح أنها ستبقى محايدة على الأقل تجاه موسكو، إلا أنها بالتأكيد سوف تقوم بالحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع الجانب الروسي.
المشكلة الأكبر ستواجهها الدول الأوروبية والغربية، التي ستجد نفسها أمام مشكلة تقنية عملاقة أولاً، ثم مشكلة سياسية ثانياً، الدول الاوروبية لا تستطيع التخلي عن واردات الغاز من روسيا وذلك أمر صرحت به مرارا وتكراراً، يقول المحلل السياسي نازاروف: “في الوقت نفسه، تتمتع روسيا بميزان تجاري إيجابي بشكل عام مع العالم كله، وخاصة مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. أي أنها تبيع أكثر مما تشتري، بمعنى أن أوروبا لا تمتلك احتياطياً من الروبلات، وعلى الأرجح لن يكون الروبل الموجود كافياً لدفع ثمن موارد الطاقة الروسية. خاصة إذا ما تم تحويل جميل الصادرات الروسية إلى الروبل. ليبقى هناك طريقتان فحسب أمام أوروبا لمواصلة شراء الغاز الروسي بالكميات المطلوبة”.
فإما أن تطلب الدول الأوروبية قرضاً من روسيا بالروبل، والاستمرار بالأمر لعدة سنوات قادمة، أو تحويل كل علاقاتها التجارية مع موسكو إلى الروبل.
يعتقد نازاروف، أن الاحتياطات الروسية المجمدة سيكون أحد أبرز القضايا، التي تطرح في طاولة المفاوضات الأوروبية مع روسيا حين طلب القرض، ويضيف: “لا أعرف كيف تتصرف الدول العربية في مثل تلك الظروف، إلا أنها الطريقة المعتادة لدينا نحن الروس لتعليم القطة عدم التبول في أرجاء المنزل. أن تأتي بها وتدس أنفها فيما أقدمت عليه. وأخشى أن ما سيفعله بوتين بأوروبا يشبه هذا الإجراء بالتحديد، وهو ما سيستمر لفترة طويلة”.