فرّق تسد هو مصطلح سياسي عسكري اقتصادي ويعني تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهي غير متحدة مع بعضها البعض مما يسهل التعامل معها كذلك يتطرق المصطلح للقوى المتفرقة التي لم يسبق أن اتحدت والتي يراد منعها من الاتحاد وتشكيل قوة كبيرة يصعب التعامل معها.
الوكالة العربية للأنباء
وسياسة فرق تسد ليست بسياسة جديدة بل هي قديمة قدم السياسة نفسها حيث طبقها السومريون والمصريون واليونانيون القدماء لتفكيك قوى أعدائهم وتحييد هذه القوى من خلال توجيهها داخلياً واحدة ضد الأخرى، والاستعمار في شكله الحالي ومنذ نشأته في بداية سبعينيات القرن التاسع عشر طبق هذا الأسلوب القديم في السياسة لنفس الأغراض والأهداف ومن أجل إضفاء الشرعية على احتلاله لبلد ما من خلال الظهور، ولعل خير مثال على هذا المصطلح هو أسلوب تقسيم الوطن العربي، من خلال اتفاقية سايكس بيكو التي فرقت العرب وجلبت الكيان الصهيوني إلى قلب الأمة العربية والإسلامية.
ويبدو أن سياسة فرّق تسد تأتي بعد مرحلة فرق تغزو، لأن استعباد شعب ما والاستيلاء على أراضيه وثرواته يتطلب أولاً إنهاك قواها العسكرية والاقتصادية لغرض تسهيل العملية وتقليص تكاليفها، وهذا يتم عادة من خلال إثارة الفتنة الطائفية والتحريض على العنصرية ونشر روح الانتقام بين الطوائف والطبقات المكونة لهذا الشعب وإشعال حروب داخلية وخارجية تنتهى بإنهاك قوى كافة الأطراف.
ومنذ زرع الكيان الصهيوني وتقسمة العرب، لم يتوقف الغرب الاستعماري عن مكائده في اتباع هذه السياسة الخبيثة، اليوم اليمن يمنين، والسودان اثنين، ومشروع تقسيم العراق الذي خط صيغته الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن عندما كان نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما، كذلك أفغانستان، وهو مشروع تم تداوله لتقسيم سوريا، وربما هناك دول أخرى لم نعلم بعد إذا كان مخطط تقسيمها قائم في المدى القريب، بالتالي، إن سياسة فرّق تسد أفادت الغرب المستعمر الذي دمر بلاداً وقارات وهذا واضح بشكل جلي في ليبيا، وكذلك أفريقيا، ولا يزال المشروع مستمر.
لكن يجب الحد من القدرة على التدمير من خلال تضافر الجهود، فليس من أمر مستحيل، والأمل لا يتحقق إلا بالعمل وبمقاومة حقيقية تهتم بتحرير الأوطان أولاً من الجهل ومن ثم من الاستعمار بكل أشكاله وصوره.
عبد العزيز بدر القطان – مستشار قانوني – الكويت.
اقرأ أيضاً: القوة الناعمة .. سياسة قائمة تمارسها القوى الكبرى