تتجلى القومية البيئية في الرغبة الهادفة للقضاء على الاعتماد على المصادر الأجنبية من وقود وطاقة عبر تشجيع استخدام مصادر الطاقة البديلة التي يمكن توليدها بصورة ملائمة وإبقائها ضمن حدود البلد الواحد.
الوكالة العربية للأنباء
فقد أظهرت البرازيل مثالاً على القومية البيئية من خلال التحول الكلي نحو الاعتماد الذاتي على الطاقة، ويشير هذا المصطلح في دراسات التابع وعلم الإنسان الثقافي إلى إكساب الأنواع الحية الأصلية والمشاهد الطبيعية طابعاً أيقونياً عبر اللجوء لطرق تستميل الشعور القومي.
وتُمثل القومية البيئية وفقاً للكاتبة جين داوسن تزايداً في زخم الحركات الاجتماعية التي ربطت مشاكل الحفاظ على البيئة بالتهديدات القومية، كما نظر المواطنين للتدهور البيئي في الاتحاد السوفيتي السابق كخطأ منهجي للاشتراكية ونتيجةً مباشرة لرغبة موسكو في إضعاف بلد من بلدان الاتحاد عبر تدمير واستغلال موارده الطبيعية، كما استمدت حركات الاستقلال في أوكرانيا وليتوانيا وإستونيا جزء من قوتها من النشاط البيئي وبوجه خاص من ناحية مواقف هذه الحركات المناهض للتسلح النووي. كانت القومية البيئية خلال الفترة الممتدة من عام 1985 حتى عام 1991 من أعراض تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي آنذاك.
وغالباً ما تتجلى القومية البيئية كما يُعرّفها علماء الإنسان في اتخاذها من الطبيعة كياناً يخرج عن حدود الثقافة، ووجوب حماية هذا الكيان كلما سنحت الفرصة وإبقائه بمنأى عن التعرض للتغير السلبي، وتظهر هذه النزعة على نحوٍ خاص في بلدان معروفة باحتضانها لحياة برية فريدة من نوعها مثل أستراليا ونيوزيلندا.
كما تتصف القومية البيئية بالفخر القومي بالمعالم الطبيعية على غرار الحيد المرجاني العظيم وقمة ميتر وبجهود حماية الأنواع الأيقونية مثل الكاكابو وكوسج الأسماك الكبيرة وإنشاء الحدائق الوطنية من أجل حماية هذه المناطق والأنواع. وقد تعرضت القومية البيئية للانتقاد فقلَّما تناولت معارف السكان الأصليين في المجال البيئي، وما تمثله من امتدادٍ للانقسامات والوجوديات الاستعمارية.
ويبدو أن مثالنا الحي والواقعي اليوم، هو اتجاه الدول للبحث عن مصادر بديلة في ظل فرض عقوبات على الغاز والنفط الروسي جراء الحرب الروسية – الأوكرانية، لكن هكذا مشروع كان لا بد من حساباته في سنوات مضت، لأن البدء فيه خطوة متأخرة كثيراً ولن تحقق المرجو منها في ظل الحاجة الماسة إلى الطاقة التي هي عصب رئيسي في حياة الشعوب في مختلف المجالات.
عبد العزيز بدر القطان – مستشار قانوني – الكويت.
اقرأ أيضاً: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي .. نظام يبدأ بتوحيد العملة