لم يكن العام الجديد واعداً بالنسبة للشعب الليبي الذي ينتظر بفارغ الصبر بوادر نهاية للأزمة التي طال أمدها، بل تجدد الصراع على الشرعية بين حكومة منتهية الصلاحية بقيادة عبد الحميد الدبيبة وأخرى تم تشكيلها بإيعاز من مجلس النواب بقيادة فتحي باشاغا للمضي بالعملية السياسية في البلاد.
الوكالة العربية للأنباء
وبينما كان من المفترض أن يبدأ رئيس منتخب وشرعي للبلاد مهامه، ويبدأ عمله في تحقيق الاستقرار والأمن واستعادة السيادة، فشلت الانتخابات التي كانت مُزمعة في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسبب إخفاق حكومة الوحدة الوطنية (المنتهية الصلاحية) برئاسة عبد الحميد الدبيبة وبسبب سياسات الدبيبة ومبادراته الشعبوية التي لا تنصب في الصالح العام وفي صالح العملية السياسية، بل تتمحور حول بقائه في السلطة لفترة أطول ولحشد آراء الليبيين لتأييده.
وتجدر الإشارة إلى أن استقالات بالجملة طالت حكومة عبد الحميد الدبيبة منذ أن منح البرلمان الشرعية لحكومته الجديدة، حكومة الإستقرار، والتي يترأسها وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا.
أتت هذه الأحداث في ظل تصعيد واحتدام سياسي بسبب تعنت الدبيبة تسليم السلطة لباشاغا، وتحذير الأخير من مخاطر المماطلة بتسليم المقار والوزارات في طرابلس، حتى أن تصعيداً مسلحاً كان وشيكاً عندما حشدت قوات تابعة لباشاغا من مصراتة وعدد من مدن الغرب الليبي على حدود طرابلس الغربية، والتي سرعان ما عادت أدراجها لتجنيب سكان العاصمة ويلات الحروب والنزاع المسلح.
وبينما يلتف الساسة حول رئيس الوزراء الجديد، فتحي باشاغا ويدعمونه، من مجلس النواب ومجلس الدولة، وقيادة الجيش الوطني الليبي، وحتى دول غربية منها بريطانيا وألمانيا وروسيا، يخرج نائب رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق السابقة، أحمد معيتيق، من عزلته، ليقدم الدعم للدبيبة ويرفده بكادر حكومي لتعويض النقص الذي طرأ في حكومته بسبب الاستقالات التي أصبحت تلوح بقرب انهياره وتسليمه العاصمة لباشاغا، الأمر الذي استغربه العديد من المحللين السياسيين، ووصفوه بالتهور السياسي، كونه يدعم حكومة غير شرعية، ويصطف إلى جانب معسكر سينهار عاجلاً أم آجلاً.
ورأى المحللون السياسيون بأن خطوة معيتيق لن تطيل من أمد الأزمة التي تواجه البلاد حالياً، ولكن في حال اندلعت مواجهات عسكرية بسبب توهم الدبيبة بشرعية سلطته، من خلال الدعم السياسي من مختلف الشخصيات في البلاد، فإن التداعيات التي ستنجم عن ذلك ستلقى على عاتق معيتيق نفسه أيضاً.
وتجدر الإشارة إلى أنه ترددت أنباء غير مؤكدة عن عزم عدد آخر من الوزراء والوكلاء تقديمهم لاستقالتهم، لإفساح المجال أمام حكومة فتحي باشاغا، خصوصاً مع تعذر تسليمهم السلطة لخلفهم في المقار الرسمية بعد تمسك عبدالحميد الدبيبة بالسلطة وتلويحه بالتصعيد العسكري.
ويأتي ذلك في حين لا يزال 3 وزراء من حكومة الدبيبة في السجن، حيث يواجهون اتهامات بالفساد وهم: وزير الصحة علي الزناتي، ووزير التعليم موسى المقريف، ووزيرة الثقافة والتنمية المعرفية مبروكة توغي، إضافة إلى مسؤولين آخرين.
اقرأ أيضاً: الانتخابات في ليبيا .. مشكلة تخلو من حل سلمي