يبدو أن رقعة الشطرنج تتوسع بين روسيا والمعسكر الغربي خاصة مع جنوح الغرب نحو الدول القوية لعزل موسكو، إلا أن سلاح الغاز والطاقة مهما فعل هذا المعسكر لن يحظى بجزء قليل من دعم الدول المتحالفة معه، فضلاً عن أن تداعيات هذا السلاج بدأت تنخر بالبلاد، فلا ذهاب بوريس جونسون إلى الهند سيغير الواقع، ولا تهديد أميركا للصين سيجعل موسكو تتراجع.
الوكالة العربية للأنباء
وفي التفاصيل، اتهمت روسيا أوكرانيا، بتغيير مواقفها باستمرار فيما يتعلق بالقضايا التي تم الاتفاق عليها بالفعل في محادثات السلام، لوقف الحرب التي تقترب من إكمال شهرها الثاني، وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: “الاتصالات مستمرة على مستوى الخبراء في إطار عملية المفاوضات”، وأضاف: “للأسف الجانب الأوكراني غير متسق فيما يتعلق بالنقاط التي تم الاتفاق عليها”، دون أن يخوض في تفاصيل تلك النقاط، وتابع: “إنه يغير باستمرار مواقفه واتجاه عملية المفاوضات”.
إن اقتراب العملية العسكرية الروسية من انتهاء شهرها الثاني، دون إعلان روسيا تحقيق أهدافها التي بدأت حملتها لتحقيقها، ودون إذعان من جانب كييف والرضوخ لمطالب موسكو في إحلال السلام مقابل الشروط التي فرضتها موسكو، بالتالي، إن الأسلحة الغربية المقدمة لكييف بشكل مستمر، يبدو أنها سبب رئيسي في إذكاء نيران هذه الحرب واستمرارها، فضلاً عن الدعم المادي والتسليحي من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، التي يهمها ضرب أكثر من “عصفور” بحجر واحد.
إن إطالة أمد الحرب الأوكرانية يعني، إضعاف الدول الأوروبية شيئاً فشيئاً، في ضوء بدء قطاف الآثار والتداعيات الاقتصادية المترتبة على وقف التعامل مع روسيا واستيراد النفط والغاز الروسي، وارتفاع تكاليف الشحن من مصادر أخرى، كما أن إطالة أمد الحرب، من شأنه أيضاً إنهاك واستنزاف موسكو وإشغالها بهذه الأزمة، وبدء واشنطن بسحب حلفاء موسكو بما فيها دول الرابطة المستقلة ومجموعة البريكس.
أيضاً، تعمد الولايات المتحدة الأمريكية إلى خلق شرخ كا بين روسيا والصين، ولا غريب من تقديم مغريات للصين لجذبها أكثر إلى المعسكر الغربي، وهذا لن يتحقق، لكن من شأنه أن يضعضع العلاقات بين بكين وموسكو.
تملك روسيا حلاً حاسماً ولا يزال بيدها وتستطيع إتمامه، خاصة بعدما تيقن لها أن المفاوضات مع كييف لن تحقق من أمرها شيء، بالتالي، الحل هو تحقيق كافة الاهداف التي وضعتها روسيا في إطار عمليتها العسكرية، وهي سحب السلاح الأوكراني، وعدم دخول كييف في حلف الناتو، والقضاء على النازيين، وضمان أمن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، فإذا لم تحقق موسكو ذلك، فستفقد مصداقيتها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وسيشعر كل من وقف معها في معركتها هذه بالخيبة.
لكن ما زال هناك وقت لإنهاء هذا الوضع ربطاً مع المعلومات التي تتحدث عن نشر روسيا للرؤوس النووية على حدودها مع أوروبا، وهذا أمر كافٍ لأن يوقف الغرب ويحفف من حالة الاحتقان، لأن ما من شيء مستغرب في الحروب، وإذا استمر الغرب بالضغط على موسكو، كل السيناريوهات متوقعة والخيار النووي لا أحد يريده لكنه أصبح أمراً واقعاً وسيف مسلط على رقاب الأوروبيين.
من هنا، الحرب الروسية – الأوكرانية، هي حرب الضرورة لـ روسيا وحرب التوقف عند الحدود المتاحة بالنسبة لكييف، وأية تجاوزات يعني استمرار هذا الوضع، فالغرب جراء النهج الذي اتبعه ضد موسكو، دفعها للاستمرار في عمليتها هذه حتى تحقيق الهدف المطلوب، في وقت لا تزال المفاوضات عبارة عن مماطلة وشراء الوقت من الجانب الأوكراني، لكن مع بدء أزمة غذاء عالمية، أورواق موسكو في ازدياد.
اقرأ أيضاً: مجلس الأمن الدولي يبحث الوضع الإنساني في أوكرانيا