إن من أحد أهم الأسباب الرئيسية لتدمير ليبيا، بروز أطماع خارجية في مقدراتها وبخاصة من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وكذلك بريطانيا وحتى تركيا، إذ ما يزال قطاع النفط الليبي مركزاً للتجاذبات والتناقضات السياسية وحتى العسكرية لما يشكله من ثروة هائلة وورقة أساسية للضغط وصنع القرار في البلاد التي تعاني من أزمة سياسية وحروب وخلافات منذ العام 2011 وإلى الآن.
الوكالة العربية للأنباء
ويس خافياً على أحد أن للغرب الليبي دور بارز في مساعدة تلك الدول طمعاً بالسيطرة السياسية مقابل بيع البلاد تحت شعارات لن تجلب إلا دمار هذا البلد وبالأخص من قبل بريطانيا والولايات االمتحدة، حيث أن طموحات الغرب في انتزاع أهم الموانئ والحقول النفطية في البلاد من قبضة قائد الجيش الوطني الليبي لم ترَ الضوء يوماً بسبب ضعف تسليح ميليشيات غرب ليبيا وافتقارهم للدعم التركي والغربي المناسب، كون الغرب لطالما استشعر خوفاً من تبعات أي عملية عسكرية تهدف للسيطرة على هذه الموانئ، لما قد تتعرض له من ضرر وتوقف عن العمل الأمر الذي بدوره سيوقف حتمًا القطاع بأكلمه.
ولكن مع عودة جزئية للحصار النفطي منذ شهرين، بسبب الصراعات المستمرة على الشرعية في البلاد، هبطت بخطط كل من بريطانيا وأمريكا التي تعوّل على نفط ليبيا لضمان أمن الإمدادات إلى أوروبا، عقب فرضها حصاراً هي الأخرى على الصادرات النفطية الروسية، وهبطت معها خطط القادة الأوروبيين أنفسهم، الذين يواجهون أزمات اقتصادية وغلاء في أسعار المحروقات ومعدلات تضخم قياسية.
وفي هذا السياق، يشير تقرير لمعهد الدراسات السياسية والجيوسياسية في بريطانيا عن احتمالية شنّ معسكر الغرب الليبي عملية عسكرية خلال الأيام المقبلة تستهدف السيطرة على المنطقة الممتدة من مدينة سرت عبر قاعدة الجفرة إلى منطقة الهلال النفطي من أجل السيطرة على الموانئ النفطية في منطقة البريقة، لتأمينها وتأمين المصالح الغربية في البلاد، ومنه عزل الكيان السياسي شرقي البلاد عن صنع القرار والتأثير على مسار الأحداث في ليبيا.
اقرأ أيضاً: ليبيا .. ما غاية الدبيبة من إشعال منطقة حقول النفط؟
واستند التقرير إلى أنباء وتسريبات خاصة تحدثت عن وصول أكثر من طائرة عسكرية تركية إلى قاعدة الوطية وإلى مصراتة، محملين بعشرات قاذفات الصواريخ من نوع (جافلين)، وأنظمة صواريخ أخرى مضادة للدبابات، وبحسب التقرير فإن هذا النوع من العتاد وكميته لا يمكن تصنيفه كدعم “دفاعي” للقوات التركية في ليبيا، بل من خلاله يتم التحضير لـ “اجتياح”.
التقرير ألقى الضوء أيضاً على تحركات جماعة الإخوان المسلمين الأخيرة في ليبيا، (والتي تُعتبر بريطانيا قاعدتها الأساسية) واعتبرها “غامضة”، لأن مثل هذه التوافقات واللقائات لا تنبع من العدم، بل يتم التحضير لشيء كبير فيها، وأسندها إلى العملية العسكرية المرتقبة.
كما أن عودة زعيم “الجماعة الليبية المقاتلة” عبد الحكيم بلحاج، إلى العاصمة طرابلس، شكل دهشة للكثيرين، وأثار حفيطة الكثيرين غيرهم، وأصبحت عودته محور تساؤلات بشأن الدور الذي يمكن أن يلعبه في هذه المرحلة المفصلية التي تعيشها البلاد، على وقع الانقسام السياسي والمؤسساتي والاتهامات والتهديدات المتبادلة بين المعسكرات المتنافسة.
والتقرير تحدث أيضاً عن سرعة مباركة مفتي ليبيا، الصادق الغرياني، لعودة بلحاج، الذي كان قد دعى قبيل ذلك بضرورة “انتزاع” المناطق النفطية شرقي البلاد، وضمها للحكومة الشرعية الوحيدة في طرابلس.
والمثير للاهتمام في التقرير أنه ذكر بأن التحضيرات لعملية عسكرية من هذا النوع، تدار من قبل سفيرة بريطانيا لدى ليبيا،كارولين هورندال، وبأنها من يتحكم بالمشهد في طرابلس، ويوزع الأدوار على اللاعبين فيها، بالتنسيق مع القيادات التركية في ليبيا، وهو ما ذكره أيضاً عضو مجلس النواب طلال الميهوب. الذي قال بأن بريطانيا تدفع نحو حرب جديدة وفوضى في ليبيا بعودة المطلوب عبدالحكيم بلحاج وافتتاح سفارتها في طرابلس.
وخلص التقرير إلى مخاطر إطلاق عملية عسكرية كهذه على الوضع برمته في البلاد، وإلى أن حركة انطلقت داخل جماعة الإخوان المسلمين، لمعارضة العملية والتحضيرات لها، بقيادة رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان وعضو ملتقى الحوار السياسي، الإخواني نزار كعوان، والمحلل والخبير السياسي، عبد الرزاق العرادي.
اقرأ أيضاً: ليبيا .. حكومة الغرب تسير بخطى غربية