يبدو أن النفط الليبي والذي يُمثل شريان الإقتصاد في ليبيا سيتم إستخدامه في التجاذبات السياسية الدائرة بين الأطراف الليبية، وقد تبين ذلك عندما أعلن عدد من القبائل فرض الحصار على إنتاج وتصدير النفط وإغلاق عدد من الحقول والموانئ رفضاً لتمسك رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة بمنصبه، ورفضه تسليم مقرات الحكومة لرئيس حكومة الإستقرار المُكلف من مجلس النواب الليبي، فتحي باشاغا.
الوكالة العربية للأنباء
هذا الإغلاق جاء أيضاً رفضاً لمحاولات الولايات المتحدة الأمريكية لفرض وصايتها على عائدات النفط، حيث كشف أحد التقارير عن عزم واشنطن تشكيل لجنة خاصة تابعة لمجموعة العمل الاقتصادية حول ليبيا للإشراف والرقابة على عوائد النفط، بحيث تضمن مصداقية إنفاق عائدات الطاقة التي تحققها المؤسسة الوطنية للنفط، على الاحتياجات العامة الأساسية، مثل الرواتب وواردات الأغذية والأدوية. وأبرز التقرير أن تلك الخطوة تأتي في ظل عملية تسييس القطاع النفطي، وانحياز المؤسسة إلى حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وبعد أن فشلت واشنطن في تمرير مقترحها بدأت تظهر على الساحة الليبية دول اخرى بالتعاون مع الولايات المتحدة تسعى لبسط سيطرتها على موانئ وحقول النفط لكن بسبل أخرى. حيث كشفت معلومات عن هبوط طائرات أمريكية وبريطانية وتركية في مطارات وقواعد بالمنطقة الغربية في البلاد.
وفي هذا السياق، حذر عضو مجلس النواب الليبي، على التكبالي، من أن تتحول ليبيا إلى حقل إختبار جديد، عبر عمل عسكري بهدف السيطرة على حقول النفط الليبي لتعويض نقص النفط في دول الغرب إثر العقوبات التي تم فرضها على روسيا، وقال ان الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا يسعون لتحقيق مصالحهم على حساب الشعب الليبي، فبالنظر إلى أمريكا وبريطانيا فان كلاهما يطمح للسيطرة على النفط الليبي لدعم إحتياطهم من الذهب الأسود، بينما تسعى تركيا لبسط نفوذها شرق البلاد بعد أن فشلت في ذلك على مدار الأعوام الماضية.
إغلاق حقول النفط الليبي جاء بعدما تم الكشف عن كم الفساد داخل المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة مصطفى صنع الله، بالتعاون مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير. حيث تبين أن هنالك تلاعب كبير بعائدات النفط الليبي والتي يتم تسخيرها لدعم الميليشيات التابعة لرئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة.
ووفق دراسات أجراها معهد البحوث الإقتصادية في ليبيا تبين أن نسبة ما يُصرف من عائدات النفط الليبي على القطاع العام لا يتجاوز 3 مليارات دولار في عام 2021، بينما يتم تقسيم أكثر من 18 مليار دولار بين عدد من المسؤولين في البلاد، بينهم الصديق الكبير الذي يستحوذ على 15% من إيرادات النفط في العام الماضي فقط.
الصديق الكبير ليس الوحيد المستفيد من الفوضى والفساد في ليبيا فبحسب الدراسة ينال مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط على 25% من إيرادات النفط، بينما يُخصص نصيب الأسد من عائدات النفط لصالح حكومة الوحدة الوطنية والجماعات المسلحة والميليشيات في المنطقة الغربية بنسبة 30%.
يرى العديد من الخبراء أن الحل الوحيد لضمان الحفاظ على ثروات الشعب الليبي ووضع حد لتدخل دول الغرب في ليبيا هو إجراء إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة في أسرع وقت ممكن، وإقصاء كل من له يد في نشر الفساد والفوضى في البلاد وكل من سمحت له نفسه أن يكون عميلاً للدول الطامعة في أموال الشعب الليبي.
اقرأ أيضاً: استنفار في طرابلس وهجوم جديد على مقر المخابرات