بدأت بعض التسريبات التي تتحدث عن قيام أذربيجان بعمليات تسليح لأوكرانيا فهل يمكن لعلييف أن يطعن روسيا وبوتين في الظهر ..!!!
الوكالة العربية للأنباء
منذ بداية الأحداث التي استعرت أكثر فأكثر منذ عدة سنوات في المحيط الجيو سياسي الروسي ارتفعت وتيرتها إلى درجة عالية استدعت استنفاراً سياسياً وإعلامياً وعسكرياً روسيا تحسباً لما يحاك، ولم تُخفِ القيادة الروسية قلقها من محاولات زعزعة الاستقرار في الحدائق الخلفية والمحيط الجيوسياسي القريب والبعيد عنها في آسيا الوسطى وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي مروراً بأفريقيا ومنطقة دول البريكس ومنظمة شنغهاي تحديداً، وتتالت التحذيرات والتصريحات الروسية من مغبة الإستمرار في هذه الإستفزازات التي باتت صورتها أكثر من واضحة بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا في ال 24 من شهر فبراير/ شباط الماضي.
وأوضح الرئيس بوتين حينها موقف الدولة الروسية موضحاً بالقول والمضمون بأن” بلاده لاتريد الحرب ولكن من يريد أن يقصي روسيا عن العالم أو يدمرها فلن يكون هناك لزوم لهذا العالم بدون موسكو، وأن الاتحاد الروسي لايريد الحرب لكن هو مستعد للدفاع عن أمنه القومي ومصالحه القومي بكل السبل والوسائل”.
روسيا إتخذت إجراءات حازمة منها على الأرض منها ما تم تنفيذه ومنها قيد التنفيذ في حال إضطرت لذلك وهي كثيرة وعلى كافة الصعد وفي مختلف الإتجاهات وفي أخطرها، ويمكن القول حتى اللحظة إن موسكو لم تبدأ الرد والهجوم المعاكس على دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة وتعطي فرص كبيرة لرأب الصدع الممكن أن يذهب نحو الأسوأ بما لا يتوقعه أحد جراء ما يجري وأثره على الأمن والسلام العالميين، يكفي فقط أن ينفذ الرئيس بوتين ودفعة واحدة أمر قطع إمدادات الطاقة إلى أوروبا وسوف نرى حجم وهول الكوارث التي يمكن أن تحدث في العالم ودول الغرب بالدرجة الأولى والتي تحركها الولايات المتحدة حتى اللحظة بالريمونت كونترول وعن بعد ولم يستفيقوا رغم كل ما حدث، ويمكن أن يحدث لهم ولدولهم ولشعوبهم من أزمات وكوارث قادمة بدأت معالمها تظهر بشكل جلي على مسرح التوترات والإهتزازات الداخلية في هذه البلدان سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وبدء سقوط الحكومات في بعض الدول مثل بريطانيا وإيطاليا، وألمانيا وفرنسا على الطريق، عداك عن دول أوروبا الشرقية التي جعلعت من نفسها الضحية وكبش الفداء الأعظم في الوقت القادم، ونذكر بقول الرئيس بوتين بأن “الجدية في المواجهة من قبل الاتحاد الروسي لم تبدأ بعد” متحدياً الدول الغربية، صراحة، بأن تجرب إلحاق الهزيمة بموسكو في ساحة المعركة، بعدما سرع الأميركيون والأوروبيون وتيرة تزويد القوات الأوكرانية بالأسلحة النوعية.
كل هذا لم يجعلهم يستفيقوا ولا أحد يفهم ماهي أصلا مصلحتهم في إستمرار محاولات إذلال موسكو التي حذر منها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدة أمرار وغيره من المسؤولين الأوروبيين ومن بينهم رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان ومؤخرا العديد من المسؤولين الغربيين بما فيهم الأمريكيين، عبروا صراحة عن رغبتهم وتمنياتهم بأن يروا النفط والغاز الروسي في أسواقهم موضحين أنه بدون الطاقة الروسية ستكون النتائج قاسية على العالم الغربي.
اليوم وبعد أن بدأت تتكشف بشكل جلي كل ماتريد فعله الولايات المتحدة ضد موسكو وحلفائها ودورهم في مآسي العالم وقد يكون الأسوء قادم في حال إستمروا بالمكابرة والعناد.
وفي ظل النجاحات التي تحققها العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا على الصعيد الميداني بالرغم من كل أشكال التضليل الإعلامي المضاد والمعاكس لذلك من قبل هذه الدول وما تحققه روسيا من تقارب وتفاهم مع دول منطقة الشرق الأوسط وصولاً إلى أفريقيا وأبعد من أفريقيا قريباً، والتي ظهرت نتائجها من خلال زيارات الوزير لافروف الأخيرة إلى مصر والإجتماع مع ممثلي جامعة الدول العربية وقبلها الجزائر ودول الخليج، ومابينها القمة الثلاثية في إيران وقمة دول رابطة الدول المستقلة ودول بحر قزوين وغيرها، وما نتج عنها من تعزيز للموقف الروسي بالأساس والإيراني بالتتابع وحلفائهما في المنطقة، تجاه مسألة التفرد بالعالم والتخلص من الهيمنة الأمريكية الغربية بدءاً من الدولار وصولاً إلى التحكم بالمؤسسات والمنظمات الدولية الناظمة للعلاقات بين الدول.
هذه فقط عناوين والتفاصيل كثيرة جداً ومرعبة وماخفي أعظم قد يظهر بالتقادم وبالتدريج على المديين القريب والمتوسط على مستوى التكتلات الإقليمية والدولية ومايخفيه الرئيس بوتين شخصياً من ملفتات خطيرة تدين الولايات المتحدة ودول الغرب من خلفها وتضعها أمام محاكمات عالمية تاريخية لن تخرج منها سالمة أبداً، ولا داعي لعدها هنا ولا يمكننا التهكهن بها أو الحديث عن كنه بعضها، بعضها لم تعد يخفى حتى على الجاهلين بالسياسات العالمية، ومن هنا ورداً على ذلك باتت الولايات المتحدة تعود إلى التخريب في المحيط الجيوسياسي الروسي بإختلاق مشاكل ونشر أكاذيب أو إفتعال وإثارة قلاقل لـ روسيا مع دول الإتحاد السوفييتي السابق، اليوم يبدو أن الدور جاء على أذربيجان التي كان رئيسها إلهام علييف أول من إلتقى الرئيس بوتين وعبر عن دعم الموقف الروسي في الحفاظ على أمنه القومي ومصالحه الإستراتيجية، بل وتم تجديد الكثير من الإتفاقات الإستراتيجية والتحضير لتطويرها وعقد إتفاقات جديدة أخرى لم يتم الكشف عنها، فعلها الرئيس الأذري غير آبه بموقف الولايات المتحدة ودول الغرب ورد فعلهما على هذا الموقف الأذري تجاه الاتحاد الروسي.
اليوم عندما يبدأ العمل على توتير العلاقة بين الاتحاد الروسي وأذربيجان تكون الأوضاع تذهب نحو خطورة كبيرة في حال لم يتم التعقل وتدراك الأسافين من الطرفين، إلا اللهم في حال وجود إختراق في مكان ما عند الطرفين ويحاول التخريب من الداخل مساعداً للأعداء وبعض هذا لم يخفيه الرئيس بوتين عن الخونة الذين يرون في الغرب الجنة الموعودة.
الخطورة تكمن في أن أذربيجان ليست فقط شريك إستراتيجي هام ومحوري لموسكو وبغض النظر عن التشابك التاريخي ذات البعد الإجتماعي والثقافي ومعه الجغرافي المباشر وغير المباشر، أذربيجان لها دور هام جدا في الكثير من الملفات الإقليمية وخاصة في قضية قره باغ والحدود مع إيران وأفغانستان وتموضعها الجيوسسياسي والجيوستراتيجي في كثير من الملفات الحساسة المتعلقة بالمشاريع الروسية الصينية على مستوى الطاقة والإقتصاد والتجارة ومن بينها خط طريق الحرير من جهة الاتحاد الروسي وحلفاءه.
ومن جهة أخرى مشاريع كثيرة كان أخطرها ومشروع الأمة الناطقة بالتركية “توران” الذي فشل أردوغان في تثبيت أساساته وتم إفشالها ووأدها في وقت قريب مضى، إذاً هنا ومن خلال دق إسفين بين موسكو وباكو يمكن للطرف المعادي لموسكو ضرب عشرات العصافير بحجر واحد وليس عصفورين وهذه معضلة أمنية وجيوسياسية تؤذي موسكو وحلفائها إلى حد كبير في حال تحققت أو تحقق جزء منها.
من هنا وما زلنا نفترض أن أذربيجان تحت أي وازع لم تذهب أو تفكر بالذهاب نحو تخريب العلاقة مع روسيا نتيجة ضغوط أو أطماع آنية لاتجلب لها سوى الأذية، يبدو أنه على الطرف الروسي أن يتفحص في مسألة هذه المعلومات و التسريبات ليقطع الشكك باليقين، لأنه بين الدول وفي ظروف مختلفة يحدث الكثير من التعاضد أو التنافر وهذا أمر طبيعي جداً، ومن جهة أخرى يبدو أنه على أذربيجان أن تبحث وتتمحص في خطورة ما يجري حياكته لتخريب العلاقة مع روسيا وبالتالي مع حلفائها أيضا لقطع الشك باليقين وسد الطريق على أي محاولة لضرب البلدين بعضهما ببعض.
وقادمات الأيام أكيد هي كفيلة بأن تكشف من وراء مثل هذه الأسافين ومالهدف منها، والقيادتين الروسيبة والأذرية لديهما ما يكفي من الوعي والعقل والإدراك حول كيفية التعاطي مع مثل هذه المخاطر ووأدها في مهدها ومحاسبة من يقف وراءها بالطريقة المثلى والأقل تكلفة.
المعلومات تقول أن من نفذ نقل الأسلحة من أذربيجان إلى أوكرانيا كانت شركة طيران تدعى “ميرديان لتد” ويبدو أن الشركة أمام موقف صعب سواء صحت المعلومات أم لم تصح.
د. نواف إبراهيم – كاتب وإعلامي.
*صور وثائق الشحنات الأذربيجانية إلى أوكرانيا
إقرأ أيضاً: اتهامات تطال أوكرانيا باستخدام التجنيد القسري في البلاد