إن جرائم الكيان الصهيوني ما كانت لتتزايد ضد المدنيين في فلسطين أو سوريا أو حتى عمليات مخابراتها الخفية حول العالم من تنفيذ اغتيالات بأسلوب المارقين ونهج العصابات، فإن كانت مشكلة الكيان مع قيادات المقاومة، لماذا يتم استهداف المدنيين بشكل همجي ووحشي في كل مرة سواء في غزة أو أي بقعة فلسطينية أو عربية أو إسلامية أخرى؟ مع الإشارة إلى أني لست مع قصف أو تصفية أو اغتيال أي من أبناء فلسطين من أكبرهم إلى أصغرهم وبمختلف مسمياتهم.
الوكالة العربية للأنباء
إذاً، العملية العسكرية الروسية الخاصة تقتل المدنيين الأوكرانيين، لكن الأوكرانيين لم يقتلوا خلال ثماني سنوات أحد من أبناء دونيتسك ولوغانسك (جمهوريات دونباس)، الولايات المتحدة تشعر بالقلق من رسو حاملة الطائرات الصينية بالقرب من تايوان، خوفاً على شعب تايوان الأعزل، والمفارقة العجيبة، تزامن القصف الصهيوني الغاشم مع حلول الذكرى الـ 77 على القصف النووي للولايات المتحدة الأمريكية لهيروشيما وناغازاكي، حيث قتل على الفور 80 ألف شخصاً، ونتيجة للأمراض المسببة لهذا القصف، مات ما بين 250 – 500 ألف شخص، وخلال إحياء ذكراهم لم تتنازل واشنطن وتقدم اعتذار لفعلها هذا، وهذا ينطبق على العراق، وفيتنام وأفغانستان وصربيا، وأينما حلّوا يحل الخراب.
لتكون النتيجة أن القنابل والصواريخ الأمريكية والصهيونية وادعة وأليفة ومحبة للسلام، بينما صواريخ المقاومة وكل مدافع عن حقه هي صواريخ إرهابية في غزة أوي بقعة من العالم تقاوم ضد المحتل، فالمحزن كل بعض الوقت يتم نشر صورة لطفل أو طفل أو فتى أو امرأة أو شيخ بينما العالم وكأنه تمت برمجته لأن يرى ولا يسمع، يسمع ولا يستوعب، يقرأ ولا يفكر، هذه التصرفات غير مقبولة على الإطلاق.
من موقعي القانوني، ومن يريد البحث كل محركات البحث ستضع نفس النتيجة، هناك قانون اسمه “القانون الإنساني الدولي”، أو ما يُعرق بـ “قانون الحرب”، حيث أكد المجتمع الدولي مراراً سريان اتفاقية جنيف الرابعة على قطاع غزة والضفة الغربية؛ وعلى مسؤوليات الكيان الصهيوني بصفته قوة احتلال، ولمن لا يعلم إن اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب والمؤرخة في 12 أغسطس/ آب من العام 1949، تعهد فيها الأطراف الموقعون على احترام هذه الاتفاقية بكل الحالات، كما تنطبق هذه الاتفاقية في حالة الحرب المعلنة أو أي اشتباك مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يعترف أحدها بحالة الحرب.
بالتالي، منذ ذاك التاريخ وعملياً منذ عام 1948، انتهك الكيان الصهيوني كل الاتفاقيات الدولية، ضارباً بعرض الحائط قرارات الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة، والوساطات وأي شيء من شأنه وضع حد لجبروته وإجرامه سواء في غزة أو خارجها، لكن المضحك المبكي، أن جل وسائل الإعلام الغربية، نشرت خبراً مفاده أن الكيان الصهيوني سيفتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة للمساعدات الإنسانية، فكيف تساعد إنساناً وأنت قتلته، وأنت حاصرته، وأنت دمرته؟!
إن الكيان في هذا يريد أن يُظهر للعالم أنه يمد يد السلام وأن صواريخ المقاومة هي الإرهابية، لكن مراد الصهاينة لن يتحقق، كل العالم الحر الشريف يعرف من هم وكيف يفكريون وكيف هي عقليتهم المستندة إلى الجرائم وإلى كل ما هو غير إنساني.
بالتالي، الكيان كحجم وكقوة أثبت ضعفه، لكن استقوائه بالغرب ممثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية هو من يجعله يتمادى في كل مرة، ولكن هل العالم اليوم لا يرى أن ما وصل إليه هذا العالم من الدرك الأسفل بسبب واشنطن!!! سأعطي مثالاً بسيطاً يرتبط بالاقتصاد العالمي، الجميع سمع عن زيارة نانسي بيلوسي المستفزة إلى تايوان، وكانت قد لوحت الصين بأنها سترد على هذه الزيارة إن تمت، وبالفعل، فرضت بكين عقوبات وألغت اتفاقيات وأوقفت مصالح عديدة وقطعت المحادثات على مستوى وزارة الدفاع، وغير ذلك، بالبداية صرحت واشنطن كثيراً بأنها لا ترى أن هناك سبباً لكل هذا الغضب الصيني، اعتقاداً منها أن بكين ستصمت أمام هذا التدخل غير المبرر، وعندما تلمست أميركا الغضب الصيني وأنها جادة فيما قالت، خرجت بتصريحات جديدة تراجعت عن موقفها وقالت إنها مستعدة لتفهم موقف بكين.
أيضاً لدينا جولة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين إلى أفريقيا، والتي أتت بعد جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخراً، حيث بنى الأخير علاقات واتفاقيات واسعة خلال جولته، لكن الولايات المتحدة سارعت إلى تحطيم ما تم بناؤه، وإن لم تستطع ستشهر سلاحها الأقوى وهو العقوبات الاقتصادية، لكن ما لا تعرفه الدولة العميقة في أميركا، أن العالم اشمئز وسئم من ممارساتها اللاأخلاقية وغير المبررة، فلا تستغربوا إن شهدنا تعاملات بالعملات المحلية بعيداً عن كل ما هو أميركي.
حتى بلدي الكويت، لقد كان هناك أكثر من لقاء بين نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف وسفيرنا الجديد في موسكو ووفق ما قرأت العلاقات الروسية – الكويتية في إطارها التقليدي الودي أكثر من رائعة، بالتالي، موقف الكويت واضح وموقف كل شرفاء العالم واضح، لا يمكن لنا إلا أن نقف مع غزة ضد الشر المطلق، ولا بد من وضع نهاية لهذا الشر لقد ضاقت الناس ذرعاً بالحروب والنكبات والآلام، وكأننا نعيش في الجاهلية الأولى، آن الآوان لإنهاء كل هذا الشر ووضع حد له، والقوي اقتصادياً بيده مفتاح الخلاص من التبعية والاستغلال الأميريكي – الغربي.
عبد العزيز بدر القطان – كاتب ومفكر – الكويت.
اقرأ أيضاً: جولة بايدن ..إحياء للتحالفات أم ضرورة ماذا عن ممر التكامل الاقتصادي