تسببت التطورات الأخيرة على الساحة الليبية، خصوصاً الأمنية منها، في مأزق حاد لتواجد تركيا في ليبيا، الذي بدأ يواجه ما يشبه حالة من العزلة السياسية في تلك المنطقة، بعد أن تواترت الدعوات لرحيل قواته في المنطقة الغربية، مقر قاعدتها الكبرى في البلاد.
الوكالة العربية للأنباء
تزايدت الدعوات المناهضة لتدخل تركيا في البلاد، والاحتجاج على سيطرة ميليشياتها السوريين على معظم المعابر الحيوية في مناطق الغرب الليبي، آخرها كان منح عمداء ومشايخ أعيان المنطقة الغربية، آمر ما يسمى “المنطقة العسكرية الساحل الغربي”، مهلة أقصاها 20 يوماً لنقل معسكر المرتزقة السوريين من منطقة مرفأ سيدي بلال إلى أي مكان آخر خارج المنطقة وبعيدا عن الكتلة السكانية والمرافق الحيوية المهمة في المدينة.
حيث ذكر عمداء ومشايخ أعيان المنطقة الغربية، في خطابهم الذي وجهوه إلى آمر المنطقة العسكرية الساحل الغربي، “أن تجارة الاسماك ومهنة الصيد تغذي كافة المنطقة الممتدة على طول الساحل الليبي ويعتبر مرفأ سيدي بلال من أهم الموانئ الاستراتيجية للصيادين في المنطقة الغربية”.
وبأنه تحول في الآونة الاخيرة ليكون معسكرا لقوات من المرتزقة السوريين ومكاناً لإقامتهم ومن مكان تجاري الى ثكنة عسكرية تجز بعدد كبير من المرتزقة السوريين الامر الذي تسبب في تعطيل نشاط الصيادين ووقف أعمالهم.
ليتبعه بيان للسفارة الإماراتية في ليبيا، قدمت فيه التهنئة لمجموعة موانئ أبو ظبي بمناسبة افتتاح خط شحن بحري بين الإمارات وليبيا.
هذه الأمور مدفوعة بتغيير كبير شهده القطاع النفطي في البلاد، مصحوبة بصفقة سياسية بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ألقت بالأثر الأكبر على مسار الأحداث في ليبيا وعلى سياسات تركيا المتداعية فيها، حيث شهدت البلاد تغييراً في المؤسسة الوطنية للنفط، لأول مرة منذ 2014، وتقارباً بين المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية (المنتهية الصلاحية) عبد الحميد الدبيبة، بالرغم من عدائهما الشديد لبعضهما البعض.
وبالتالي فقدت تركيا نفوذها على عصب الإقتصاد الليبي الوحيد، والذي يتمثل بالمؤسسة الوطنية للنفط، التي تسيطر وتسيير كل ما له علاقة بقطاع الطاقة في البلاد، وليس هذا فحسب، بل استطاعت أبوظبي تمرير صفقات عالقة كان رئيس المؤسسة السابق مصطفى صنع الله، الموال لتركيا، قد عرقلها في أكثر من مناسبة.
وتوقع تعليقاً على مجريات الأحداث في ليبيا رئيس المكتب السياسي لحزب “تيار ليبيا للجميع”، فتحي البعجة، أن تركيا في طريقها للخروج بشكل كامل من الأراضي الليبية، كونها مكتفية بأزمتها الاقتصادية الداخلية الخانقة، متابعاً أن الحكومة التركية ليست على استعداد لدفع تكاليف مرتزقتها السوريين غربي ليبيا، خصوصًا مع توقف الإمدادات المالية من المؤسسة الوطنية للنفط، مشددًا على أن “تقارب المعسكرين المتصارعين في ليبيا، لن يترك ذريعة بيد أنقرة للإبقاء على هؤلاء المرتزقتة وغيرهم من القوات التابعة لها على الأراضي الليبية.
اقرأ أيضاً: صفقة الدبيبة – حفتر .. تضمن تمرير مشاريع وطموحات أبو ظبي النفطية في ليبيا