يرى كثير من متتبعي الشأن الليبي أن العاصمة الليبية طرابلس على شفا صدام مسلح مرجعه تصاعد الصراع على السلطة بين رئيسي الحكومتين المتنازعتين، عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، بينما لا أفق يظهر لخارطة طريق جديدة من شأنها حل الأزمة السياسية، خصوصاً بعد تراجع دور الأمم المتحدة والعرقلة المستمرة لعملية تكليف ممثل للأمين العام للأمم المتحدة يرأس بعثة المنظمة في ليبيا، ما يتطلب العودة إلى إحياء المسارات المجمدة بدءًا من نقطة الصفر.
الوكالة العربية للأنباء
وقال المحلل السياسي إدريس أحميد أن فتحي باشاغا يحاول تمكين حكومته للعمل من داخل طرابلس، مشيراً إلى أن كلمته الأخيرة تحمل رسائل تحذيرية لرئيس حكومة تصريف الأعمال عبد الحميد الدبيبة لرفضه تسليم السلطة.
احميد لفت في تصريح إعلامي إلى وجود تحشيدات عسكرية في محيط العاصمة لدعم دخول باشاآغا إلى طرابلس ونوّه إلى وجود تداعيات سلبية حال اندلاع قتال داخل العاصمة؛ لأن العاصمة لا تتحمل تداعيات ذلك، في ظل صمت دولي بعد فشل التوصل إلى قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات.
وعزز عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي التكهنات بشأن تحرك قريب من باشاغا لدخول طرابلس قبل نهاية الشهر الحالي، بتصريحه أن “دخول الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا إلى العاصمة ليس بعيداً، وإن لم يكن في الأسبوعين المقبلين فسيكون مع نهاية أغسطس الحالي”، بيد انه أكد بأن “كل الدلائل تشير إلى أن دخول الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا إلى العاصمة سيكون سلمياً من دون إراقة قطرة دم”.
وبموازاة ذلك، وعلى الأرض، شرعت قوات وميليشيات مسلحة تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في إعادة انتشار عناصرها وآلياتها في العاصمة الليبية فيما بدا أنه خطة استباقية لوقف أي محاولة جديدة تقوم بها ميليشيات موالية لحكومة «الاستقرار» الموازية التي يرأسها فتحي باشاغا، لدخول المدينة.
ليصحبه تصريح «اللواء 53 مشاة مستقل» يفيد ببدء تنفيذ تعليمات الدبيبة الذي يتولى أيضاً منصب وزير الدفاع بالحكومة، تحريك دوريات في عدة مناطق جنوب العاصمة طرابلس، بهدف تأمين حدود العاصمة.
ومن جانب آخر، ضجت وسائل الإعلام بتحذيرات ومخاوف كبيرة من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية واسعة بعد أن لوّح المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي مجدداً، بالتدخل لإنهاء الصراع على السلطة في البلاد، بين حكومتي «الوحدة»، و«الاستقرار» الموازية، ولم يحدد حفتر، الذي يعد أحد أبرز الداعمين لحكومة باشاغا، كيفية اعتزامه التدخل أو موعده، لكنه قال لدى اجتماعه بمدينة طبرق أقصى شرق البلاد مع عمداء بلديات وممثلين عن منظمات المجتمع المدني وقبائل منطقة البطنان: «لن نسمح بصراعات (عبدة الكراسي) التي لا تنتهي أن تقلب حياة المواطنين إلى بؤس»، وأضاف: «كفى استخفافاً بالتلاعب بمصير الوطن وسلامته ونهب ثرواته».
والجدير بالذكر أنه وفي مناخ الصراعات الداخلية والتنازع على السلطة بين الحكومتين، وجد الفساد بيئة خصبة للتغلغل إلى مفاصل الدولة في مختلف القطاعات الوزارية، عكستها وقائع ظلت مغيبة لسنوات قبل أن يفتح النائب العام المستشار الصديق الصور خزانتها للمرة الأولى، ويكشف عيوباً في الأجهزة الشرطية وأرقاماً ضخمة لنهب المال العام، وجرائم تزوير للأرقام الوطنية بالآلاف، مكَّنت اللصوص من السطو على ملايين الدولارات، وكانت أحد أسباب تعطيل إجراء الانتخابات.
اقرأ أيضاً: نفط ليبيا يعود الى مستوياته في مقابل انحسار الدور التركي