حجم الصيرفة الإسلامية دوليًا 3.7 تريليون دولار.. وفي مصر يزيد عن 500 مليار جنيه
تطوير النظام الضريبي وتعزيز الإستثمارات الأجنبية والقضاء على البيروقراطية.. أبرز آليات الخروج من الأزمة
على خلفية الانهيارات العالمية المُتلاحقة، مازال أداء المؤشرات الاقتصادية المحلية يشهد تذبذبات يمينًا ويسارًا، فتارة تهدأ الأوضاع وأخرى تعصف الأزمات باستقرار الوضع المحلي الذي يستوجب وجود آليات جريئة لحلها،،،،،
في ذلك السياق قال محمد عبد القادر الرئيس التنفيذي لشركة مُعاملات للإستشارات المالية والشرعية في حواره مع “البوصلة الاقتصادية”، أنه يجب وضع خطط مالية واضحة ومُحددة الأهداف وتحديد الأولويات التي تُحقق أعلى قيمة مُضافة.
وأكد، أن هناك الكثير من العوامل التي تُشير إلى أن الاقتصاد المصري يستعيد نشاطه تدريجيًا.
مؤكدًا، أن الدولة تعمل على تحسين بيئة الأعمال التي تهدف إلى جعل مصر جاذبة للإستثمارات، وإلى نص الحوار:-
* بداية، ما هو تقييمك لأداء الاقتصاد المحلي في الوقت الراهن؟
** الاقتصاد المصري قوي ومتنوع ولكن يمُر بتحديات صعبة، وبالرغم من بداية ظهور بعض التحسن في السنوات الأخيرة بفضل إجراءات التحرير الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية التي اتخذتها الحكومة والتي عملت على تمكين مصر من جذب استثمارات أجنبية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي في عام 2019، إلا أن الاقتصاد المصري تأثر بشدة بجائحة كوفيد- 19 في 2020، تبعتها الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت إلى تراجع النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة والتغيرات في سعر الصرف وتراجع الإيرادات السياحية، وتواجه مصر في الوقت الراهن تحديات اقتصادية عديدة ، من بينها إدارة الدين العام الكبير، وتحسين البنية التحتية وبيئة الأعمال، وبصورة عامة فأن الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة، وغير مسبوقة تستوجب وجود سياسات وآليات جريئة لحلها.
* ما هي الآليات الواجب اتباعها للخروج من وطأة الأزمة العالمية؟
** هناك أفكار عديدة للخروج من وطأة هذه الأزمة أبرزها:-
1- دعم الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التي تعاني من آثار التحديات الاقتصادية، وتوفير التمويل اللازم لها بتكلفة مناسبة تساعدها على الإستمرار.
2- تعزيز الإستثمارات الأجنبية والداخلية في البلاد، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة لرفع معدلات النمو الاقتصادي.
3- تحسين البنية التحتية في الدولة، مثل تطوير الطرق والجسور والموانئ والمطارات، وتعزيز الإتصالات والتكنولوچيا، وتوفير الكهرباء والمياه والصرف الصحي، لتحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات.
4- تشجيع الصادرات وتنويع مصادر الدخل، من خلال تطوير الصناعات التحويلية والتصديرية وزيادة الإنتاج، لتحسين ميزان المدفوعات وتوفير العُملة الصعبة.
5- تحسين القطاعات الاقتصادية الأساسية، وتعزيز التعليم والتدريب لتحسين مستوى المهارات المتاحة للعمالة وزيادة فرص العمل.
6- توفير الحماية الاجتماعية للفئات الأشد تضررًا من الآثار الاقتصادية، من خلال توفير المساعدات المالية والغذائية والطبية لهم.
7- تشجيع التعاون الدولي والإقليمي والتجاري، وتطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، لتحقيق تبادل التجارة والإستثمار وتحقيق المزيد من الفرص الاقتصادية.
8- تطوير النظام الضريبي والجمركي وتبسيط الإجراءات الإدارية، وذلك لتحسين بيئة الأعمال وتشجيع التنمية الاقتصادية من خلال التركيز على سد منافذ التهرب الضريبي قبل إضافة ضرائب جديدة تُثقل كاهل المواطنين.
* أشار بنك “ستاندرد تشارترد” لإمكانية تعرض مصر لمخاطر تمويلية، فما هو دور التمويل الإسلامي في دعم وترقية الاقتصاد المحلي الفترة المُقبلة؟
** من الممكن أن يساهم التمويل الإسلامي في الحصول على تمويلات أيسر وبتكلفة أقل عن طريق إصدار صكوك بتكلفة أقل من مثيلاتها السندات التقليدية، نظرًا لوجود وفرة في السيولة لدى البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في الخليج وحول العالم لعدم وجود أدوات متنوعة لتوظيفها، وهذا ما شهدناه في التغطية الجيدة لإصدار أول صك سيادي تصدره مصر، والتمويل الإسلامي في حال تطبيقه بالصورة الصحيحة هو تمويل تنموي وتمويل أصول في المقام الأول يساعد على دفع عجلة الإنتاج. وعلى سبيل المثال، فإن إصدار صكوك لعمل مشروع كـ “ميناء أو مطار أو مصنع”، يموله حملة الصكوك لفترة مُحددة ثم يقوم المشروع بسداد الأرباح والأصل لحملة الصكوك ومن ثم تؤول ملكية المشروع أو الأصل للدولة، ويُعد ذلك إضافة للناتج القومي للدولة.
* هناك عجز كلي بالموازنة الجديدة لعام 2024 يصل لـ 825 مليار جنيه، برأيك كيف يتم تفادي تأثير ذلك على الأنشطة المتوسطة ومُتناهية الصغر؟
** لتفادي تأثير ذلك العجز على هذه الأنشطة، يمكن اتخاذ عدة إجراءات، منها:-
1- تقليل النفقات للشركات، عن طريق تحسين إدارة التكاليف والتقليل من الإنفاق غير الضروري، وتحسين الكفاءة في الإنتاج والخدمات المقدمة.
2- البحث عن مصادر تمويل بديلة، مثل التمويل الإسلامي أو التمويل الإجتماعي أو الإستثمار المشترك، وذلك لتغطية النقص في التمويل الذي تواجهه الشركات، وتحسين قدرتها على تشغيل أعمالها بشكل فعال.
3- عمل برامج حكومية يمكن للشركات الاستفادة منها مثل البرامج التدريبية لكيفية إدارة المشروعات وتسويق منتجاتها والدعم المالي وضمان مخاطر الائتمان لهذه المشاريع.
4- التحول إلى الإنتاجية الرقمية، والإستفادة من التكنولوچيا الحديثة، لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف، لتحسين الأرباح وتعزيز القدرة على التحمل.
5- تنويع الأنشطة وتوسيع نطاق عملها، لتحقيق مصادر دخل إضافية وتقليل التعرض للمخاطر المرتبطة بالعجز في الموازنة.
* ما هي أنواع التمويلات التي تسهم في الحد من نسب البطالة؟
** هناك العديد من التمويلات التي يمكن أن تُساهم في الحد من نسب البطالة، مثل تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وهو ما يُساهم في تحفيز ريادة الأعمال وخلق فرص عمل جديدة، وتعزز النمو الاقتصادي، إضافة لتمويل المشروعات الإجتماعية التي تُساهم في توفير فرص العمل وتحسين الوضع الاجتماعي للفئات الأكثر تأثرًا بالبطالة، أو تمويل القطاعات الحيوية والناشئة، مثل مشروعات الطاقة المُتجددة وتشجيع المشروعات الناشئة، إضافة إلى التمويل الإسلامي، مثل تمويل الاستصناع والمُشاركة والمُضاربة والوكالة بالاستثمار والمُزارعة وغيرهم، إضافة للتمويل العام، الذي يُساعد في في توفير فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي، حيث يعمل هذا التمويل على توفير البيئة الملائمة للأعمال وتحسين الخدمات العامة.
* إشكالية عدم التخطيط نتج عنها خسائر مالية، برأيك كيف يمكن تفاديها وأي الجهات مسئولة عن ذلك؟
** من لم يُخطط فقد خطط للفشل، وعدم التخطيط الاستراتيجي من الأمور التي تؤدي لفشل أي سياسة، وفي المجال الاقتصادي خاصة لابد من تأسيس مجلس أعلى للشئون الاقتصادية لا يكون تابعًا للحكومة ويتكون من أساتذة اقتصاد ورجال الصناعة والتجارة المُتمرسين، على أن تكمن مسئوليتهم في وضع الخطط الاقتصادية طويلة المدى، وتلتزم الحكومة بتنفيذ هذه الخطة، وتتسبب إشكالية عدم التخطيط في العديد من التحديات، حيث يُمكن أن يؤدي عدم التخطيط إلى إنفاق الأموال بشكل غير فعال أو عدم الإستفادة الكاملة من الفرص الاقتصادية، ولتفادي تلك الخسائر المالية، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:-
1- يجب وضع خطط مالية واضحة ومُحددة للأهداف والأنشطة المختلفة، وضبط ميزانية مناسبة لتنفيذ هذه الخطط، وتحديد مؤشرات الأداء الرئيسية لقياس تقدم التنفيذ.
2- تحديد الأولويات والتركيز على الأنشطة التي تحقق أعلى قيمة مضافة وتأثير اقتصادي، وتخصيص الموارد بشكل مناسب لتنفيذ هذه الأنشطة.
3- تقييم الأداء بشكل منتظم والتحقق من تحقيق الأهداف واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح الأخطاء.
4- يتطلب التخطيط الفعال التعاون والتنسيق بين جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومات والمؤسسات الخاصة والمجتمع المدني، لتحقيق الأهداف المشتركة وتفادي التداخلات والتكرار في استخدام الموارد.
5- تطوير الكفاءات والمهارات لدى العاملين في مجال التخطيط والإدارة المالية.
* كيف ترى طرح وزارة المالية للصكوك الإسلامية؟
** أرى أنه طرح ناجح جاء في ظروف صعبة، فمع تخفيض التصنيف الإئتماني وصعوبة الحصول على التمويل بالطرق التقليدية جاء هذا الطرح ليضع مصر على خريطة إصدارات الصكوك العالمية وبالرغم من ارتفاع تكلفة التسعير للطرح إلا أنه يعتبر أقل من مثيله التقليدي في مثل هذه الظروف وهذا التوقيت.
* كم يبلغ حجم التمويلات الإسلامية بمصر؟
** وفقًا للتقارير الأخيرة فأن حجم التمويل الإسلامي في السوق المصري الآن يزيد عن يُقارب 500 مليار جنيه بمعدل نمو 8.5% عن العام الماضي، والودائع حوالي 413 مليار جنيه بنمو 11.5 %، وعلى المستوى الدولي بلغ حجم الصيرفة الإسلامية 3.7 تريليون دولار، وتعمل الحكومة المصرية على تعزيز القطاع المالي الإسلامي في البلاد، وتشجيع الإستثمار فيه، من خلال إطلاق منتجات وأدوات تمويلية إسلامية جديدة، وتم تشكيل هيئة شرعية عليا تابعة للهيئة العامة للرقابة المالية تُشرف على إصدارات الصكوك المحلية والمنتجات التمويلية التي تشرف عليها الهيئة، وكذلك تم تأسيس هيئة شرعية تابعة لوزارة المالية تُشرف على إصدار الصكوك السيادية.
* نُبذة عن نشاط شركة مُعاملات وخدماتها وخططها المُستقبلية؟
** تُعد “مُعاملات” أول شركة استشارات شرعية في مصر وهي تقوم على التعاون مع مجموعة من خُبراء العمل المصرفي الإسلامي في مصر والعالم، وقد ساعدت الشركة حتى الآن العديد من العُملاء لإطلاق منتجات تمويلية واستثمارية إسلامية، وهناك طلب جيد من قبل شركات التمويل مُتناهي الصغر والتمويل الاستهلاكي والتمويل التأجيري والتخصيم على إطلاق منتجات متوافقة مع الشريعة لتلبية الطلب الموجود والمُتزايد على التمويل الإسلامي.
* أخيرًا، ما هي رؤيتك للاقتصاد المحلي في الفترة المقبلة؟
** هناك العديد من العوامل التي تُشير إلى أن الاقتصاد المصري يستعيد نشاطه تدريجيًا في الفترة المقبلة، ولعل أحد العوامل الإيجابية يكمن في استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، حيث تعتبر مصر واجهة جذابة للاستثمارات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تعمل الحكومة المصرية على تنفيذ عدد من المبادرات الاقتصادية الهامة، مثل مبادرة “صنع في مصر” ومبادرة “حياة كريمة”، والتي تهدف إلى دعم الصناعات المحلية وتحسين جودة الحياة للمواطنين، وهو ما يسهم في تعزيز نمو الاقتصاد المحلي، علاوة على ذلك، فإن مصر تمتلك مقومات اقتصادية قوية، مثل موقعها الجغرافي الإستراتيچي وثرواتها الطبيعية والبشرية، وهو ما يجعلها قادرة على استغلال الفرص الاقتصادية في المنطقة وتحقيق نموًا أكبر في المستقبل. كما تعمل الحكومة المصرية على تحسين بيئة الأعمال عن طريق تنفيذ العديد من الإصلاحات والتدابير الاقتصادية التي تهدف إلى جعل مصر جاذبة للاستثمارات وتحسين الأداء الاقتصادي.