تزامنا مع الاحتفال بالذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو، أكد عبدالحميد أبو موسى، محافظ بنك فيصل الإسلامي، أن ثورة 30 يونيو ستظل نقطة فارقة وفاصلة في تاريخ الدولة المصرية التي كانت على شفا حفرة من الدخول في النفق المظلم في ظل استمرار تردي الأوضاع الداخلية والتي أوشكت أن تؤدي إلى انقسام الشعب المصري المعروف بوحدته منذ قديم الزمن إلى طوائف متعددة، فجاءت هذه الثورة العظيمة لتجنب مصر هذه المخاطر وتقودها نحو مستقبل أفضل وإلى طريق ملؤه الأمل ومضيئاً بأحلام المصريين الذين يؤكدون عظمتهم ويسطرون التاريخ كعادتهم في كل العصور.
موضوعات مقترحة
وقد نجحت الدولة المصرية خلال السنوات التالية للثورة، في تثبيت أركانها وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية وترسيخ أوضاعها السياسية، كما نجحت القيادة السياسية في حمل اللواء والزود عن الدولة بكل السبل والوقوف للمعتدي الداخلي والخارجي لعودة الوحدة لصفوف الشعب المصري واسترجاع مكانة مصر وهيبتها ودورها المحوري في العالم أجمع.
أما من الناحية الاقتصادية فكانت الحكومة تسابق الزمن نحو إتخاذ العديد من الإجراءات الإصلاحية في مختلف قطاعات الدولة لتعزيز معدلات النمو ومعالجة الاختلالات الهيكلية التي عانى منها اقتصادنا المحلي لسنوات عديدة، حيث أسهمت هذه الاجراءات في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي ليتضاعف من 2.1% عام 2012/2013م إلى متوسط قدره 4.4% خلال الفترة (2013/2014م – 2021/2022م)، وحرصت الحكومة المصرية على توفير بيئة مواتية ومحفزة للاستثمار وداعمة للنشاط الاقتصادي، فقامت بإصدار عدداً من التشريعات التي أسهمت في تحسين مناخ الاستثمار أبرزها قانون الاستثمار وقانون تيسير إجراءات منح تراخيص المنشآت الصناعية وقانون الإفلاس وتعديلات قانون سوق المال.
ومع ظهور تحديات جديدة ناتجة عن صدمات خارجية كجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، سارعت الدولة بإصدار مجموعة من القرارات لتخفيف تداعيات تلك التحديات على الاقتصاد منها تسهيل تملك المستثمرين للأراضي وتيسير إجراءات استيراد مستلزمات الانتاج والتخفيف من الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين فضلاً عن التوسع في إصدار الرخصة الذهبية للحد من المعوقات والتحديات التي تواجه المستثمرين دعماً لجذب المزيد من الاستثمارات الجديدة، هذا بجانب إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تضمنت الخروج من 62 نشاطا خلال السنوات الثلاث المقبلة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65% ودفع النشاط الإقتصادي بجميع القطاعات الإنتاجية.
وقد بدأت الدولة في تنفيذ خطتها بطرح حصصها في عدد من الشركات سواء لمستثمرين إستراتيجيين أو من خلال طرحها بالبورصة، كما أطلقت الحكومة مبادرة لتمويل قطاعي الصناعة والزراعة بقيمة 150 مليار جنيه بفائدة 11% وذلك تشجيعاً للمستثمرين على التوسع في الإنتاج لتعظيم قدراتنا الإنتاجية والحد من الاستيراد وتوسيع القاعدة التصديرية، وقد أسهمت التطورات سالفة الذكر في ارتفاع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال النصف الأول من عام 2022/2023م بنسبة 72.7% ليبلغ 5.7 مليار دولار مقابل 3.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق.
وأشار أبو موسي إلى الدور الفعَال الذي يقوم به القطاع المصرفي في دعم نمو الاقتصاد المصري من خلال المبادرات التحفيزية التي أطلقها خلال السنوات السابقة والتمويلات التي يتيحها لقطاعات النشاط الاقتصادي المختلفة التي تضاعفت بنحو 2.43 مرة لتصل إلى 4.094 تريليون جنيه في نهاية عام 2022م مقابل 1.684 تريليون جنيه في نهاية عام 2013م.
واستكمالاً لهذا الدور المؤثر للبنك المركزي وفي ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري مؤخراً، أطلق المركزي العديد من القرارات التي هدفت إلى الحفاظ على استقرار المستوى العام للأسعار ودعم القوة الشرائية للمواطن المصري، حيث قام المركزي برفع نسبة الاحتياطي الإلزامي من 14% إلى 18% وتحرير سعر صرف الجنيه المصري ورفع أسعار العوائد المحلية بنحو 10% وذلك للوصول إلى معدل تضخم مستهدف عند مستوى 7% (± 2%) خلال الربع الرابع من عام 2024م.
وأكد المحافظ، أن بنك فيصل استطاع تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة في مختلف مجالات العمل المصرفي خلال السنوات السابقة، حيث تضاعف اجمالي أصول البنك بنحو 3.7 مرات ليصل الى 167.1 مليار جم في نهاية مايو عام 2023م مقارنة بنهاية عام 2013م، أما إجمالي الأموال تحت الادارة (الأوعية والشهادات الادخارية) فقد تضاعف بنحو 3.2 مرة ليبلغ نحو 132.2 مليار جم، كما تضاعفت حقوق الملكية بنحو 7.6 مرات لتصل إلى 24.3 مليار جم في نهاية مايو عام 2023م مقابل 3.2 مليار في نهاية عام 2013م، وتضاعفت أيضاً أرصدة التوظيف والاستثمار (بعد استبعاد المخصص) بنحو 3.6 مرة لتصل إلى ما يعادل 152.3 مليار جنيه في ضوء توسع البنك في منح العديد من التمويلات للمشروعات بمجالات الصناعة والبترول والكهرباء ومواد البناء والمقاولات والتنمية العقارية والأغذية.
وقد أطلق البنك مؤخراً عدداً من المنتجات التمويلية أبرزها منتجات تمويل أخضر تهدف إلى ضخ استثمارات ومنح تسهيلات لتوريد وتركيب محطات الطاقة الشمسية والسخانات الشمسية للأفراد والشركات وتمويل شراء السيارات الكهربائية بأسلوب المرابحة فضلاً عن اطلاق منتج جهز عيادتك لتمويل شراء الأجهزة والمعدات الطبية بنظام المرابحة لأصحاب العيادات الخاصة من الأطباء البشريين وأطباء العلاج الطبيعي وأطباء الأسنان وأعضاء نقابات المهن الطبية، كما يستعد البنك لإطلاق منتج الإسكوتر الكهربائي تشجيعاً للعملاء على استخدام مصادر الطاقة المتجددة في شئونهم الحياتية.
واستكمالاً لهذه الإنجازات، أكد سيادة المحافظ بأن المؤشرات الأولية لمصرفنا خلال الربع الثاني من العام الحالي أظهرت تسجيل نتائج أعمال متميزة ستمكن البنك من توزيع عوائد تنافسية على عملائه من أصحاب الشهادات الادخارية الثلاثية والخماسية والسباعية لن تقل عن 18%.
وانطلاقاً من خطة البنك التوسعية والوصول بخدماته لكافة فئات المجتمع، فقد اتسعت شبكة فروع البنك خلال السنوات السابقة لتصل إلى 41 فرعاً حالياً تغطي معظم محافظات الجمهورية مقارنة بعدد 29 فرعاً في عام 2013م، وتضاعف عدد ماكينات الصارف الآلي بنحو 3.9 مرة ليصل إلى 573 ماكينة حالياً مقارنة بعدد 148 ماكينة عام 2013م.
وأشار أبو موسى- إلى نجاح البنك في تحقيق تقدماً ملحوظاً في قائمة “أقوى 50 شركة مصرية” وفقًا لتصنيف مؤسسة فوربس الشرق الأوسط “Forbes Middle East” ليحتل المركز السابع في عام 2023م صاعداً من المركز العاشر عام 2022م، كما حقق المركز الثالث بين البنوك التي شملها التصنيف والبالغ عددها 11 بنكاً… لتؤكد على الإنجازات التي يحققها البنك بالرغم من التحديات الكبيرة وحالة عدم اليقين التي تسود اقتصادات العالم ومن بينها الاقتصاد المصري.
وختاماً، أكد “المحافظ” على ضرورة تكاتف جميع مؤسسات الدولة بهدف عبور الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بأقل الخسائر الممكنة لاسيما وأن الاقتصاد المصري يمتلك من المقومات التي تجعله يحتل الصدارة إفريقيا وعربيا نظراً لتميزه بالتنوع فبجانب الإيرادات المحققة من قناة السويس وقطاع السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج هناك عوائد إضافية ناتجة عن الأنشطة الاقتصادية كالقطاع الزراعي والنفط والصناعات التحويلية، وهو ما يعزز من قدرة الاقتصاد على مواجهة الآثار السلبية للصدمات المحلية والعالمية.